حزب السعادة .. وضرورة التفكك
كنت قد آثرت عدم الكتابة عن التطورات الأخيرة داخل حزب السعادة؛ أما وإن الحزب قد أصبح في حكم المغلق رسميا بعد قرار المحكمة بفرض الوصاية القضائية عليه، فقد رأيت من المناسب أن أكتب اليوم عن هذا الموضوع بعد أن أغلق حزب السعادة نفسه بيديه بسبب خلافات عقيمة.
فكيف يمكن قراءة الوضع الذي آلت إليه حركة نجم الدين أربقان، تلك الحركة التي بدأت بتأسيس أربقان لحزب النظام الوطني عام 1969 والتي امتدت إلى الآن متمثلة في حزب السعادة؟
لقد بذل حزب السعادة جهوده من أجل الحفاظ على وجوده وكيانه بعد أكبر حركة انشقاق تعرضت لها حركة الفكر الوطني الأربقانية مع تشكل حزب العدالة والتنمية. وحرص حزب السعادة على أن يمثل موقفا مختلفا على مستوى الخطاب السياسي ليعبر عن رؤية سياسية بديلة.
وإن تكن مجموعة مهمة من كوادره قد انتقلت إلى حزب العدالة والتنمية، فإن مجموعة أخرى شكلت النواة لحراسة القلعة من الداخل والحفاظ على تقاليد الحزب السياسية. ومرت نحو عشر سنوات خيم عليها حلم أعضاء الحزب بعودة أربقان إلى الحياة السياسية، واستعادة الحزب لقوته مرة أخرى. وحراسة القلعة بمقتضى طبيعتها تشير إلى الاهتمام بعدم الانسلاخ عن الحزب أكثر من اهتمامها بالبناء والتشييد
وطوال هذه السنوات العشر كان أربقان وكوادره في نظر المجتمع ضحايا للنظام السياسي. وفي هذا الوضع، ورغم كل التغيرات الحادثة في الحياة السياسية واصلوا حفاظهم وحمايتهم للقلعة بواسطة القيم والمباديء التي يحملونها. ورغم أن حراس القلعة كانوا نوعين، أحدهما لا يريد معارضة أولئك الذين انتقلوا إلى حزب العدالة والتنمية، والآخر من يقاوم هذه الموجة الصاعدة باسم المباديء والقيم. إلا أن كلا الفريقين بشكل عام لم يتنتج خطابا جديدا.
وقد استطاع فريق حراسة القلعة تحويل كفاحه ونضاله نحو صراع عقيم على السلطة ضد حكومة العدالة والتنمية، بدلا من انتاج سياسية بديلة. وقد أظهرت انتقاداتهم لحزب العدالة والتنمية حرصا على تقاسم نعمة السلطة بمنطق “لماذا هم ولسنا نحن”. ونجحوا في تلك المرحلة إلى تحويل الصراع نحو الثأر والانتقام.
في حين أن تركيا خلال المرحلة التي مرت بها كانت في حاجة ملحة إلى سياسة بديلة ضد سلطة التيار المحافظ. وكان من المنتظر من هذه المجموعة أن تضطلع بمهمة توصيل الفكر السياسي النظري والعملي إلى المواطنين. وقد اتضح في الانتخابات الأخيرة أن هناك مجموعة مهمة كان ينتظر منها أن تقول أشياء جديدة من خلال تجديد التقاليد المتوارثة من خبرات حركة الفكر الوطني الأربقانية.
وبدلا من أن تقوم هذه المجموعة بفتح أفاق جديدة أمام تركيا، وإنتاج أفكار ورؤى جديدة لمواجهة النظام العالمي الحالي، وإظهار قدرتها على تحويل هذه الأفكار إلى سياسات قابلة للتطبيق، إذا بها تفضل الصراع من أجل سلطة ضيقة محدودة. وضاع الوقت هباء في انتظار عودة أربقان للحياة السياسية
ولم يكن ما وصل إليه حزب السعادة اليوم شيئا سوى صراع على بقاء فكرة “السلطة المنتظرة” تحت اسم أربقان.
وخلاصة الوضع كالآتي: ” أن الحركة السياسية التي بدأها أربقان وأنعشها وأكسبها الحيوية، يدفنها اليوم أربقان بيديه”.
ثم أصبحت أسمى وأفضل المهام الملقاة على كواهل قادة حزب السعادة وحراسه أن يحلوا الحزب بأيديهم.
إن من يساهمون في حملة حزب السعادة هذه – شاؤا أم أبوا- قد يعيدون للحزب اعتباره وتقاليده، ولكن فقط بحل الحزب.
ثم إذا ما تبقى لديهم من القوة والرصيد الفكري شيئا فإن عليهم أن يبدأوا عملية إنشاء جديد. وليس لديهم خيار آخر.
أما أولئك الذين لا يمكنهم إدراك ذلك، فليبقوا وحدهم داخل القلعة مع خزائنها المهجورة.
فمن لديه ما يقوله يكون قادرا على البدء من جديد دائما.
إن انسحاب غير المهتمين من هذه الساحة خير لهم من معارضة جوفاء لطموحات المخلصين. فعلى الأقل لن يستنفذوا طاقات المخلصين في صراعات جانبية؛ فيبوؤا بإثمهم وإثم المخلصين أيضا.
lgili YazlarArabiyah
Editr emreakif on September 24, 2010