فرصة “الفيتو التركي” ضد إسرائيل
تجاوز وزير الخارجية الإسرائيلي كل حدود اللياقة والآداب الدبلوماسية حين شبه رئيس وزراء تركيا رجب أردوغان بفرعون. وقد يكون ذلك التجاوز نابعا من ثقته المفرطة بنفسه، أو من جهله بالمستجدات في الساحة الدولية. إن القيادة الإسرائيلية تسيطر عليها الآن “سيكولوجية صدام”؛ فقد باتت تنظر من نافذة ضيقة إلى العالم، وتحبس نفسها داخل أفق ضيق.
إن تركيا لم تتفرعن؛ بل إسرائيل هي التي تفرعنت ضد الفلسطينيين. وتركيا الآن في وضع ومكانة تجعلها قادرة على محاسبة إسرائيل على هذا الاحتقار والحط من مكانة أردوغان. بل وإن لم يكن ذلك الموقف الإسرائيلي، فإن المكانة والقدرة الدبوماسية التي تمتلكها تركيا الآن تجعلها في موضع يمكنها من القيام بمسئوليتها.
تستعد إسرائيل للحصول على عضوية OECD (منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية) وهي واحدة من أهم المنظمات الدولية في العالم. وقد ظلت إسرائيل عشرين عاما تطرق الباب للحصول على هذه العضوية دون أن يفتح لها. والحقيقة أنه من الصعب قبول عضويتها في المنظمة في ظل الظروف والشروط الطبيعية المعتادة. فالعضوية في منظمة غربية ذات ثقل أوروبي أمر يستوجب شروطا محددة. وثمة دول تنتظر دورها للحصول على هذه العضوية مثل: روسيا، واستونيا، وشيلي.
وكانت إسرائيل قد وقعت مع المنظمة آخر اتفاقياتها في 19 يناير 2010. وقال الأمين العام للمنظمة: ” نأمل في قبول عضوية إسرائيل بعد إنجازها الإجراءات اللازمة خلال عام 2010″، وأشار إلى شهر مايو عام 2010.
والحقيقة أن ثمة تساؤل حول المعايير التي أوفت بها إسرائيل للحصول على عضوية منظمة ذات مكانة عالمية مثل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. فقبول إسرائيل داخل هذه المنظمة وهي الدولة المحتلة سيكسبها شرعية، وسيكون بمثابة تصديق على كل ما تقوم به الآن، وواضح لكل ذي عينين، في القدس وغزة.
والأهم من هذا كله، أن قبول عضوية إسرائيل في المنظمة سيجعل الدول الأعضاء موضع شك، ويفقدهم الكثير من مصداقيتهم؛ حيث أن إسرائيل دولة تنتهج سياسات عرقية تمييزية سواء ضد مواطنيها من عرب إسرائيل، وسواء ضد الفلسطينيين الذين يعيشون فوق الأرض المحتلة.
نعم إن وضع إسرائيل للأراضي المحتلة تحت الضغوط والقهر السياسي والاقتصادي والثقافي، وتطبيقها لسياسات عنصرية أمام العالم كله، وعدم رضوخها لنداءات المجتمع الدولي، ليجعل من وصول إسرائيل – بعد انتظار دام 20 عاما – لعضوية المنظمة مسألة ومشكلة في حد ذاته.
فإسرائيل من خلال المكانة التي ستحصل عليها بقبولها عضوا في المنظمة، ستكون قد أصبحت دولة ارتقت إلى مصاف الدول ذات الدور في الساحة العالمية، بعد أن كانت دولة عرقية مهمشة خلال المرحلة التي بدأت بلعبة وخديعة عملية السلام بعد عام 1990.
إن من حق العالم أن يعرف ما هي الشروط والمتطلبات التي استطاعت إسرائيل الوفاء بها لتستحق عضوية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، خاصة وأن إسرائيل دولة ذات ايديولوجية عرقية صهيونية، تمارس مختلف أشكال التمييز والعنصرية ضد مواطنيها من عرب إسرائيل والفلسطينيين على حد سواء.
ولكن وإن بدت إسرائيل قد استكملت ما هو مطلوب منها للحصول على عضوية المنظمة، إلا أن الأمر لم ينته بعد.
فتركيا تضطلع بمسئولية تاريخية في هذه المسألة. حيث أن قبول عضو جديد بالمنظمة يتطلب موافقة الأعضاء جميعهم، ويكفي لرفض العضو الجديد المرشح استخدام أي عضو من أعضاء المنظمة لحق الفيتو.
ولذا يتحتم على تركيا أن تحاسب إسرائيل التي شبهت رئيس وزرائها بفرعون، والتي تمارس سياسات عرقية وتقترف جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية داخل الأراضي الفلسطينية.
ومن ثم فإن تركيا تمتلك قدرة وفرصة مهمة لتُعلم إسرائيل حدها ووضعها الحقيقي. وفضلا عن هذا فقد دشنت لجنة حقوق الإنسان الإسلاميةالتي تتخذ من لندن مقرا لها حملة لدفع تركيا نحو القيام بواجبها ومسئوليتها في هذا الموضوع. وهي حملة تستوجب منا الدعم والتشجيع لتشد من عضد الحكومة التركية لاستخدام الفيتو ضد إسرائيل.
وإلا فستحصل إسرائيل على الشرعية فيما تقوم به ضد الفلسطينيين من حصار وممارسات عرقية وضغوط اقتصادية.
lgili YazlarArabiyah
Editr emreakif on April 8, 2010