هل انتهى “الأوروإسلام” لصاحبه طارق رمضان؟
” إذا استطعت أن تكون مسلما دون أن يتعارض ذلك مع القيم الأوروبية، فقد تجاوزت الصعاب ونجحت”
لقد يجوز القول أن هذه الكلمات تنتسب إلى طارق رمضان ذلك الذي أرادوا تقديمه إلى الغرب باعتباره “مارتن لوثر الإسلام” بسبب بعض انتقاداته للمسلمين، أكثر من كونها تنتسب إلى أولئك الذين جعلوا منه شخصية رصينة ذائعة الصيت.
إنه حفيد الإمام الشهيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين. إنه بالنسبة للغرب حفيد مؤسس حركة الإخوان المسلمين، حركة الرجعية العالمية، ذات التأثير الواضح في العالم الإسلامي كافة، ولاسيما في الشرق الأوسط.
يعيش طارق رمضان في سويسرا فهو سويسري الجنسية، مصري الأصل. تعليمه ودراسته دراسة غربية. يحاضر في عدد من الجامعات الغربية، منها جامعة اكسفورد. وفضلا عن نشاطه الإعلامي، فهو مشهور ذائع الشهرة بسبب عمله مستشارا في عدد من المؤسسات الغربية مثل حكومة بلير، وحكومة كلينتون.
ويأتي استخدام طارق رمضان لمصطلح “الإسلام الأوروبي” استخداما بالغ الجرأة ودفاعه المستميت عنه في مقدمة أسباب شهرته الشعبية. كما أنه يؤكد على “الحوار- داخل الدين”(intra faith) تأييده للحوار بين الأديان(inter faith).
وكان مولد شهرته الحقيقية في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر. إذ راجت أفكاره ولقي خطابه ارتياحا لدى الرأي العام الغربي الذي افترض أن العالم الإسلامي أجمع قد انتفض في موجة إرهابية ضد الغرب. وفي ظل خطابه الذي تطور بعد الحادي عشر من سبتمبر أضحى طارق رمضان الشخصية الأشهر لدي الشعب اللأوروبي، وقدمت له الميكروفونات باعتباره متخصصا في الإسلام ومتحدثا عنه. بل وليس متخصصا فحسب، وإنما واحدا من سلالة الكيانات الإسلامية.
ولا يخفى أن ذلك الخطاب الذي يمكن إيجازه في ” إذا استطعت أن تكون مسلما دون أن يتعارض ذلك مع القيم الأوروبية، فقد تجاوزت الصعاب ونجحت” ليس بمعزل عن المشروعات السياسية.
إن طارق رمضان الذي يختلف كثيرا عن الأكاديميين والمثقفين المنتمين للشرق الأوسط، والذي يتحدث بلغة تمتلك زمام الثقافة الإسلامية قد رسم صورة صادقة لمسلم يمكنها أن تتصالح مع الأوروبين، ولا تخش النقد الذاتي، ومتصالحة مع الغرب وقيمه.
إن هذا الخطاب الذي يقوم على أسلمة عالمية القيم الغربية دون مساءلتها معتمدا فقط على قبولها، قد يصلح لآن يكون فكرة براقة تطرح للنقاش على مائدة النقاش الثقافي فحسب. وما هو إلا قليل حتى انكشف لنا أن هذا الخطاب المعروف ” بإلإسلام الأوروبي” لم يكن محض نقاشا ثقافيا، أو مشروعا بعيد عن المساس. وإنه لمن الصعب علينا معرفة مدى علم طارق رمضان بذلك. إلا أن الواضح لنا أن الغرب قد أفاد من هذا الخطاب على النحو الذي يخدم مشروعاته السياسية وعولمة قيمه الغربية وتوجيه الانتقاد للعالم الإسلامي. فليس أقل من أن مثل هذه الخطابات كانت بمثابة حجج وبراهين جاهزة استخدمها الغرب ضد العالم الإسلامي.
لقد أعلنت الصحف أن جامعة “ارساموس” التي يحاضر بها طارق رمضان قد فصلته بسبب برنامج ثقافي يقدمه في قناة “برس تي في” المدعومة من إيران. وصرحت الجامعة” أنه ليس من الممكن قبول تقديم طارق رمضان لبرنامج في تلفزيون دولة مثل إيران تمارس الضغوط ضد المطالبين بالحريات”.
ودافع طارق رمضان عن نفسه بقوله أن البرنامج الذي يقدمه برنامج ثقافي بحت. إننا نتحدث عن جامعة أوروبية لا تسمح بتقديم طارق رمضان لبرنامج ثقافي، وهو المعروف بموقفه الأيديولوجي الذي لا يمثل إيران.
إن ذلك كله يحدث في الجامعة التي تنتقد المسلمين بقمع الحريات، وتنظر إلى طارق رمضان باعتباره متسامحا.. يحدث في المكان الذي يقول عنه الغرب أنه محضن الفكر والقيم العالمية..
إننا لسنا هنا للقول بأن ذلك المسلم الذي دافع عن “الحوار بين الأديان” و”الإسلام الأوروبي” قد أدرك في النهاية حقيقة الأمر. وإنما نقول أن من الجائز أن طارق رمضان قد دافع بكل صدق وإخلاص عن فكر إسلامي خاص بأوروبا.
وإنما السؤال الآن هو، هل الجامعات التي فتحت قاعاتها لطارق رمضان بسبب انتقاداته التي وجهها للمسلمين ( والتي قد نتفق إلى حد كبير مع معظمها) قد أدركت فجأة أنه يمثل خطرا إلى الحد الذي جعلها تغلق دونه أبواب جامعاتها؟
أم أن مشروع الإسلام الأوروبي قد سلك طريق مشروع الشرق الأوسط الكبير نحو سلة المهملات؟!
وكل عام وأنتم بخير بمناسبة شهر رمضان المعظم
lgili YazlarArabiyah
Editr emreakif on August 23, 2009